مثل البُطين الأيمن والأيسر، تنقسم حضرموت الى قسمين -حضرموت الداخل وحضرموت الساحل.
من حماقتي انني -في كل زياراتي الى حضرموت- لم أزر حضرموت الداخل، أو حضرموت الوادي كما يطلق عليها.. بل ظللت الى جوار البحر، أشبه بتائهٍ ينتظر قارب نجاة سيأتي ويأخذهُ أو ربما كنت انتظر عروس البحر متى تخرج لأدهش نفسي بها.
بعض الحماقات لا تغتفر.. وبعض المدن عتابها لا يحتمل، تماما كمدينة حضرموت.
ربما لم يرقني المزيد من السفر برا، اذ صرت أكره الخط الطويل، ذلك لانني هذه المرة دخلت المكلا برا قادما من عدن، وطويت في بطن الباص -المكلا- قرابة 12 ساعة، أكلت خلالها ثم شربت وحفظت (صم) أحداث وأغاني واسماء ممثلي ثلاثة أفلام هندية شاهدناها طيلة الرحلة في الباص!
الخط طويييييل، والسائق يُدخن، ويمنع الركاب من التدخين!
مات اثنان من ابطال الأفلام الهندية التي شاهدتها فوق الباص.
نجا بطل الفيلم الهندي الثالث من موت كان مؤكدا، لولا ان حبيبته طلعت بنت ناس و(نطت) على ظهر خيل -ليت الباص كان بسرعته- لنجدته.
نجا البطل، ونجوت من عقوبة منع التدخين اذ جلست الى جوار السائق.. ودخنت.
حدث كل ذلك، ولا يزال الباص يمشي، ولم نصل بعد.
انتهت علبة سجائري، نام غالبية الركاب الموجودين فوق الكراسي.. وأخيرا -ونحن مسافرون من مغرب امس- لاح ضوء الصبح وبدا شاطئ بروم يتسلل بزرقته الينا، ويوزع نسمات هواء باردة..
إنها المُكلا.. حيث كل شيء فيها يخطف قلبك، البحر، والناس، والاتساع الموزع بإفتتان.
لكن.. ماذا عن اسم حضرموت؟
البعض يقول انها نسبة للحضر، ولمدن الموت التي خطفت الأبناء بحثا عن الحياة خلف مياه البحر الذاهبة الى الهند واندونيسيا وغيرها.
لكن التسمية الأقرب الى الصحة، كما وردت في كتاب المعارف للبستاني، ان حضرموت نسبت الى عمار بن قحطان الذي لقب بحضرموت لأنه كان اذا حضر حربا أكثر من القتل، فأصبح يقال عنه عند حضوره: “حضر، موت”.. ثم أطلق ذلك على الأرض التي كانت بها قبيلته أي اسم “أرض حضرموت”.
ويشير الحسن الهمداني الى ان نسبة الاسم تعود الى حضرموت بن حمير الأصغر.
المدن أشبه بالنساء، يحرصن على اخفاء أعمارهن، ووحدها المكلا لا تخفي عمرها الذي يمتد مئات السنين.
fekry19@hotmail.com
من حماقتي انني -في كل زياراتي الى حضرموت- لم أزر حضرموت الداخل، أو حضرموت الوادي كما يطلق عليها.. بل ظللت الى جوار البحر، أشبه بتائهٍ ينتظر قارب نجاة سيأتي ويأخذهُ أو ربما كنت انتظر عروس البحر متى تخرج لأدهش نفسي بها.
بعض الحماقات لا تغتفر.. وبعض المدن عتابها لا يحتمل، تماما كمدينة حضرموت.
ربما لم يرقني المزيد من السفر برا، اذ صرت أكره الخط الطويل، ذلك لانني هذه المرة دخلت المكلا برا قادما من عدن، وطويت في بطن الباص -المكلا- قرابة 12 ساعة، أكلت خلالها ثم شربت وحفظت (صم) أحداث وأغاني واسماء ممثلي ثلاثة أفلام هندية شاهدناها طيلة الرحلة في الباص!
الخط طويييييل، والسائق يُدخن، ويمنع الركاب من التدخين!
مات اثنان من ابطال الأفلام الهندية التي شاهدتها فوق الباص.
نجا بطل الفيلم الهندي الثالث من موت كان مؤكدا، لولا ان حبيبته طلعت بنت ناس و(نطت) على ظهر خيل -ليت الباص كان بسرعته- لنجدته.
نجا البطل، ونجوت من عقوبة منع التدخين اذ جلست الى جوار السائق.. ودخنت.
حدث كل ذلك، ولا يزال الباص يمشي، ولم نصل بعد.
انتهت علبة سجائري، نام غالبية الركاب الموجودين فوق الكراسي.. وأخيرا -ونحن مسافرون من مغرب امس- لاح ضوء الصبح وبدا شاطئ بروم يتسلل بزرقته الينا، ويوزع نسمات هواء باردة..
إنها المُكلا.. حيث كل شيء فيها يخطف قلبك، البحر، والناس، والاتساع الموزع بإفتتان.
لكن.. ماذا عن اسم حضرموت؟
البعض يقول انها نسبة للحضر، ولمدن الموت التي خطفت الأبناء بحثا عن الحياة خلف مياه البحر الذاهبة الى الهند واندونيسيا وغيرها.
لكن التسمية الأقرب الى الصحة، كما وردت في كتاب المعارف للبستاني، ان حضرموت نسبت الى عمار بن قحطان الذي لقب بحضرموت لأنه كان اذا حضر حربا أكثر من القتل، فأصبح يقال عنه عند حضوره: “حضر، موت”.. ثم أطلق ذلك على الأرض التي كانت بها قبيلته أي اسم “أرض حضرموت”.
ويشير الحسن الهمداني الى ان نسبة الاسم تعود الى حضرموت بن حمير الأصغر.
المدن أشبه بالنساء، يحرصن على اخفاء أعمارهن، ووحدها المكلا لا تخفي عمرها الذي يمتد مئات السنين.
fekry19@hotmail.com